ثورة المشمش
أن المستحيلات كثيرة بحياة الفرد والمجتمع وهي التي يصعب تحقيقها في أمل منظور فأسهل طريق لها هو أطلاق عليها أسم المستحيل لكي نتخلص من تبعات العناء في تحضير العدة والأدوات التي تجعل تحقيق شيء منها في خانة الممكن تحقيقه أو التي نحاول التفكير في تحقيقها . وما هي الشروط التي تتوفر في هذا الشيء لكي نطلق عليه مستحيل فما يستطيع حامل الإثقال مثلا أن يحمله يعتبر لدى الشخص العادي مستحيل فهذه تفسيرات نقنع أنفسنا بها وبعد أن يتدرب الشخص العادي على حمل الإثقال يصبح ممكناً أن يحمل ما كان بالأمس مستحيل فالذي ي فعله هو تدبير الطريقة والجهد والعرق والإصرار على تحقيقه لان عندما فكر بأنه مستحيل لم يفكر بأسهل من تلك الطريقة التي تخلصه من عناء كل ذلك وعلى ذلك نضع مقاييس تفسيرية لكل فرد دون الأخر بما يتوفر إلية من إمكانيات وتحضيرات تجعل ما فكر به هين ويمكن تحقيقه بطريقة أو أخرى .
ولكل مجتمع دائرة ضيقة وأخرى واسعة من التحليلات السطحية والعميقة لكلا الحالات ومنها المستحيل والممكن فما يتوفر لدى المجتمع الأول يعتبر مستحيل لدى المجتمع الأخر فهذه أمور لا تعتبر بالضرورة عيب بذلك ولا هي من محدودية الثقافة الفكرية لدي ذلك المجتمع الذي يريد التطوير والانطلاق بكافة المجالات لكن يبقى من يقود ذلك المجتمع رمز مصور لخطته الوضعية لما هو مستحيل وما هو ممكن واضعاً في الحسبان إمكانيات ذلك القطيع الهائل من البشر الذين وجدوا أنفسهم بالفطرة يعيشون في ذات الزمان والمكان الذي يعيشون به تزامناً معه مجبرين غير مخيرين بذلك القدر المحتوم والوضعيات المستحيلة منها والممكن تحقيقها يبقى ذلك الحاكم الملهم المدبر كل أمور مجتمعه الحالية والمستقبلية يستنفر كل الإمكانيات الاستشارية لدارسة وتقييم ووضع خطة مخلصة له بالوقت الحالي حتى يجد الجواب أو يتغير تفكير مجتمعه بانعطاف يلعب القدر به دوراً مهماً لكي يفلت من تصوراته وخططه الحكيمة وربما نتذكر بذلك قصة الحاكم والفلاح عندما جاء حاكم ترهقه التخمة والملل إلى فلاح فقال له أزرع لي شجرة نخيل تثمر مشمش سوف أعطيك ألان مائة إلف دينار وبعد سنة لك مثلها وعندما يتحقق ما قلت لك علية وتعهدت به مثلها أو يقطع عنقه فوافق الفلاح على طلب الحاكم وبدء فعلاً بزراعة شجرة النخيل لكي تثمر مشمش وهو يردد القول في كل لحظة أما أما أما وعندما أستحلفه الحاكم وأعطاه الأمان بأن يقول له ما تفسير تلك الكلمات وبأن يعطيه المبلغ كاملاً ألان لو فسرها له قال له أما أن يموت الحاكم وأما أن تموت الشجرة وأما أن أموت أنا وأما أن تثمر مشمش كما وعدتك فضحك كثيراً وأعطاه المبلغ ومن هنا كانت قصة المثل المشهور بالمشمش أي بالمستحيل تحقيقه .
ففي تلك الأيام نشهد تغييرات هائلة بمجتمعات كثيرة من مشرق وطننا العربي الكبير إلى مغربه طلاب جامعات ومجتمعات كثيرة بدئت بالتململ باتجاه العنف والخروج عن المألوف في المطالبة بلقمة العيش فنجد من يحرق نفسه استهجان لما وصل إلية حال اليأس من مستقبل أفضل ومنهم من يختار السيارات الفارهه للتجار والمسئولين ويدمر ويحرق بها متجنباً المثيل لها من القديمة والمهترئة لأنها لأشخاص حالهم لا يختلف كثيراً عن حال من أحرق نفسه دفاع عن قضية مستجدة بحال جديد وغلاء فاحش لا يقوى عليه من أركن تخطيطه لذلك الملهم الفذ المدافع عن مجتمعه وتنكشف السوءة بوقت يصعب تدارك النتائج لكلا الطرفين فمن يسمح للبعوض بمص دماء يده سوف يسمح لهم بامتصاص دماء الآخرين فالتجار همهم الأول والأخير بل الأوحد هو بأن تكون المعادلة حسابية بحته لا تخضع لأي عاطفة وهمية يتمسك بها الفقير الرومنسي الذي يؤمن بالأحلام الوردية المغلوب على أمرة المنسي من تفاصيل حفلات الشاي أو الحفلات التنكرية المترفة التي لو حدث بها تعكير صفوة يكون هذا غير مقبول وغير أخلاقي وغير منطقي وربما لو عطس من يقدم لهم الشاي سوف يجني على نفسه بتلك الفعلة ويخسر عمله الذي هو مصدره الوحيد ولسوف نجد صاحب العطسة يتصدر المطالبة بتغيير الحال لأنه يعلم بما يدور خلف الكواليس فكان بالأمس مستكين مستسلم لما يدور حوله .
حتى لا يصبح كل مجتمع مطالب بتغيير الحالة الاقتصادية له يجب الانتباه إلى ما يمكن أن يحفز هذا الشعب لكي يحقق جزء من مستحيلا ته المركونة وربما ينسى تحقيق القسم الأخر بأنشغالة بنصرة على ذلك المستحيل الأول ولكي لا يدفع كل مجتمع بمن يحرق نفسه يجب التنبه لحاجات ذلك المجتمع الملحة وهي لقمة العيش فالجياع لا يبصرون والمتخمون لا يبصرون فأن حدث تصادم بينهم سوف تكون نتائجه كبيرة على كافة الاصعده فمن ينتمي للطبقة الراقية فأن نظرة سوف يكون للأعلى ومن ينتمي للطبقة المسحوقة يكون نظرة للأسفل لكي يجوب الأرض باحث عن الفتات المتساقط من الأعلى فلا ينظر إليهم لكي لا يلفت انتباههم إلية ولكن أن أنقطع الفتات سوف يبدأ بهز أرجل الواقف في أفق بعيد لكي يفقده توازنه وبالتالي يتساقط أليه ما يريد وما يطلب وهو سد رمقه بلقمة تكفيه إلى الغد وفي الغد يبدأ الدورة الأخرى للبحث عن لقمة جديدة .
سعيد بقراءتك مقالي وأكون أسعد لو أعجبكم
وقت ممتع والقادم أجمل أن شاء الله
تحياتي للجميع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق